الأربعاء، 1 أغسطس 2012

اللغة العربية بين مكر الأعداء و جفاء الأبناء

مالي خلعتُ ثيابي و انطلقتُ إلىسواي أسأله الأثواب و الحللا
قد كان لي حُلل أزهو ببهجتهاعزاً و يزهو بها من حل و ارتحلا
أغني بها و تمد الدفء في بدنيأمنا و تطلق مني العزم و الأملا
تموج فيها اللآلي من مآثرهانوراً و تبعث من لألائها الشعلا
حتى أفاءت شعوب الأرض تسألهاثوباً لتستر منها السوء و العللا
مدت يد الجود كنزاً من جواهرهافزينتهم و كانوا قبلها عُطُلا
جادت عليهم و أوفت كلَّ مسألةٍبراً توالى و أوفت كل من سألا


إذا ذكرت الحضارات ، و استعرضت المفاخر ، و تفاخرت الأمم بتراثها ، رفعنا لهم ميراثاً خالداً ، و تراثاً ناصعا ، ننطلق به و منه إلى أرواح أهل الأرض قاطبة ، نحاكي فطرهم و قلوبهم ، مفتخرين بإسلام نبيل ، و لسانٍ قويم .

جاء الإسلام بلسانٍ عربيّ مبين ، ليُعطي دلالة أن لغة العرب أشرف اللغات ، و أن الحفاظ عليها من الحفاظ على الشريعة ، و أن تعلمها من إقامة شرع الله ، و أنه لا يمكن أن يُقام حكم الله في الأرض إلا بفقه هذه اللغة ، و تعلمها و تعليمها ، لأن المصادر التي نأخذ منها ديننا الحنيف جاءت بلسانٍ عربي مبين .


فاللغة لسان الإسلام و لسان المسلم ، و لغة الدعوة إلى الله في هذه الأرض ، و لما كانت تحتل هذه المكانة في الشرع جاءت مؤامراتٌ و خطط تهدف إلى توهين و تهوين هذه اللغة في الواقع و الحياة ، و بدأ العدو يسعى جاهداً بمكر عميق و جهد جهيد لتنحية اللغة عن الناس ، و عن دلالاتها الأصلية ، كمدخل للإبعاد عن الدين ، فأصبحنا منذ عقودٍ من الزمان نعيش في معمعة المعركة مع أعداء الدين على إبقاء اللغة العربية بحيويتها و هويتها ، و الحفاظ على دلالاتها و أسرارها ، و إني هنا أرى أنها معركة دينية و ليست قومية لأن اللغة و الدين شيء واحد .

يقول الدكتور عدنان النحوي – و الذي أخذت عنوان هذه المقالة من عنوانٍ لأحد كتبه - :
" ... و لكن اللغة العربية تميزت بخصائص لم تتوافر لأي لغة أخرى . إنها تميزت بخصائص و هبتها القدرة العظيمة على الصمود أما التحديات حيّةً قوية ، تدفع و تدافع و تصارع . و بعض هذه الميزات ينبع من إمكاناتها الذاتية التي وهبها الله إياها ... و منها ما هو نعمة من الله عليها و على المسلمين و على الناس كافة ، حين اختارها الله تعالى لغة رسالته إلى عباده و لغة دينه و حين تعهد الله بحفظ الذكر الذي نزل بها "

و من قديم الزمن بدأت خطة البغي للجناية على اللغة ، فطرحت أفكار تهدف إلى تغيير قواعد اللغة ، أو حروفها و كتابتها ، أو تغيير الشعر العربي ، و هذه المحاولات كانت تأتي وفق منظومة تستهدف الإسلام ذاته .

يقول الشاعر حافظ إبراهيم بلسان اللغة العربية :

أرى كل يوم بالجرائد مزلقامن القبر يدنيني بغير أناةِ
و أسمع للكتاب في مصر صيحةًفأعلم أن الصائحين نعاتي
أيهجرني قومي – عفا الله عنهمإلى لغة لم تتصل برواةِ
سرت لوثةُ الإفرنجِ فيها كما سرىلعاب الأفاعي في مسيل فراتِ


و بعد هذه الهجمات استسلم من استسلم بسبب ضعف الإيمان ، و انعدام الثقة بالذات ، و راح يستجيب لما يُخطط له من حيث لا يشعر ، حتى أصبح واقع أهل الإسلام مع لغتهم مؤلما ، فاختفت تلك اللغة الحية الأصيلة الصحيحة إلا ما ندر ، و شاعت الأخطاء اللغوية في الصحف و الإذاعات و المجلات و القنوات و الخطب ، و صيغت كتابات على غير أصول ، حتى أصبح الرجل يتقدم في سلم التعليم وهو لا يحسن الكلام العربي ، و أذكر أنني كنت قبل فترة عند أحد كتاب الضبط وهو يكتب صكاً من عدة أسطر فكان كثير الأخطاء اللغوية و الإملائية .

إننا نحمل هذا الكنز العظيم وهو بين أيدينا ، فأي لغة تطيق أن تتعامل مع مفردات هذه اللغة بتركيبها الجميل ، و دلالاتها ، و هاهي اللغات الأخرى تثبت عجزها و وهنها حينما يُراد عمل ترجمة لمعاني القرآن العظيم .

إن واجبنا نحن بالذات عظيم جداً ، لأننا أهل اللغة ، و دارنا هي مهبط الوحي ، فكان لزاما علينا أن نكون أقوى تمسكا بديننا و بلغتنا عن عزة و فخر ، حتى لا يُعبث بهذه اللغة ، ثم يؤتى بإسلام جديد لا يريده الله لا و يرضاهـ .
و قد روي أن النبي – صلى الله عليه و سلم – قال : ( رحم الله امرءاً أصلح لسانه )

قال عمر – رضي الله عنه – " تعلموا اللغة فإنها تثبت العقل و تزيد المروءة " و قال : " تعلموا النحو كما تتعلمون الفرائض " و قال " تعلموا إعراب القرآن كما تعلمون حفظه "

فَعُد إلى لغةِ القرآنِ صافيةًتجلو لكَ الدربَ سهلاً كانَ أو جبَلا
تجلو صراطاً سوياً لا ترى عِوَجاًفيه ولا فتنة تلقى ولا خللا
تجلو سبيلاً تراه واحداً أبداًو للمضلينَ تلقى عندهم سُبلا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق